مقالات

وقفوهم .... انها عراقية

علياء الانصاري

 

من خلال زياراتي المتكررة الى المناطق الفقيرة والمحرومة في الحلة وضواحيها وقضاء الحمزة الغربي المشهور لدى اهالي المنطقة حيث يقصدونه لقضاء حوائجهم وشفاء مرضاهم، تولدت لدي قناعة راسخة ان عملية اعمار العراق وتحرير انسانه من ربق الماضي المستبد عملية صعبة وشاقة وطويلة الامد.

ولا اريد الحديث هنا عن الطرق الغير معبدة او الشوارع المتربة او الكهرباء وبقية الخدمات الاخرى فلها مقال ثان في مقام اخر... انما اريد الحديث عن الانسان العراقي والمراة العراقية بالخصوص... عن عملية اصلاح الواقع الانساني واعمار النفس البشرية والارتقاء بها الى مدارج الكمال وان كانت مدارجه الاولية.

الفقر في تلك المناطق، ضرب جذوره في الارض وكسر العمود الفقري للمراة المسكينة فتراها لا تعرف الفها من يائها والادهى من ذلك استسلامها للواقع المرير ويأسها مما يمكن ان ياتي ويكون الافضل.

فالكثير منهن تركن الدراسة في زمن مبكر، والمراة عندما تُعدم التعليم والتثقيف يُثلم من حياتها ثلمة يهتز لها عرش السماء.

والبعض ممن صارعن الواقع القاسي ونجحنا في اكمال دراستهن، قصم التعيين ظهرهن وقعدن في البيوت عاطلات عن العمل ينتظرن الفرج على ايدي وزارة العمل ومن بيده واسطات التعيين و...

ومما يؤسف له ان النساء في وطننا جاهلات لحقوقهن غير مباليات لما يحدث لهن او لعلهن يأسن من البحث عن الخلاص او ان التربية التي فرضت عليهن جعلت منهن خانعات مستسلمات للامر الواقع حتى لو كان على حساب حياتهن وسعادتهن ومستقبلهن.

فالكثير من النساء يعانين ظلم الازواج لهن... بان يتزوجها على طمع في مال او جمال وعندما ياخذ منها ما يريد ويسلب منها ما تظنه سيحميها في حالك ايامها من مال او صحة او شباب يتركها للقدر المظلم هي واولادها دون قانون يردعه او مع وجود القانون ولكن المراة لا تعرف كيف تستفيد من هذا القانون او تخاف ان تستفيد من هذا القانون لان المجتمع قد يحاربها او لعدم ثقتها بالقانون لانه بيد القاضي الرجل والمحامي الرجل والمرتشي الرجل والمزور الرجل... فتراها تنزف بصمت وتابى ان يستمع احد الى نزفها.

وهناك فتاة شابة جاءتني تمشي على استحياء وهي تقول: (انا متزوجه من سنة، تركني زوجني بعد عقد القران وذهب الى اهله لانه لا يستطيع الانفاق علي وانا منذ عام في بيت اهلي لا يقبل ان ينقلني الى بيت اهله لانه لا يتمكن من اعالتي ولا يرضى ان ينتقل معي الى بيت اهلي لان ذلك يخالف الاعراف ولا ترضى رجولته بذلك انه يدرس في الصباح ويعمل بعد الظهر ولكن ما ياتيه من مال يعطيه لامه) قلت لها: اذهبي الى المحكمة او الي الشيخ واطلبي الطلاق. قالت: (لااريد الطلاق ... هل لك ان تبحثي لزوجي عن عمل حتى ياخذني الى بيت الزوجية).

حدقت في هذه الفتاة الصغيرة التي لا تتجاوز الثامنة عشر ورايت في عينيها الف حلم مصلوب والف خوف منفوش الشعر.

فتيات يردن اكمال دراستهن ولكن الاهل يرفضون ذلك ... تجمدت الدموع في العيون وتحجرت الامال والكلمات الخرساء على الشفاه تستنجد: من سينصرنا؟ المراة العراقية بحاجة الى من يثقفها بحقوقها وكيف تاخذ هذه الحقوق وكيف تدافع عن حقها في الحياة وفي التعليم وفي اختيار شريك الحياة ويسلحها بالارادة القوية التي تمكنها من استرجاع حقوقها عندما يشتد عليها الظلم والاجحاف.

ومما يؤسف له ايضا ان ساحة المعاناة العراقية للمراة لم يلجها الى الان اي مسؤول في الدولة او اي ناشط لحقوق الانسان او اي منظمة عالمية تسعى لرفع الظلم عن الانسان واي ظلم اعظم من الظلم الذي تتعرض له المراة العراقية في مناطقنا الفقيرة المحرومة في المدينة والريف على حد سواء...

لذلك اقول عملية اعمار النفس الانسانية في العراق تتطلب جهودا كثيرة وطاقات اكثر واخلاص يندر وجوده في عالمنا اليوم.

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com