مقالات

الثقافة النهوضية والتحديث سمات بارزة يجب تحقيقها

ياسر جاسم قاسم / البصرة

 

جبلت الانسانية على مباديء التطور والتحضر في كل شيء فلم تبق الانسانية تراوح مذ ايجاد الخليقة في مكانها بل هي تطور مستمر وعلى كافة الاصعدة ومنها الثقافية فثقافة الانسان متطورة بتطور بيئتة وزمانه ولم تبق على ما وجدت عليه بل امتازت بتنوعها ورؤيتها الواضحة والصريحة وقدرتها على انقاذ مايمكن انقاذه من معاني الانسانية العظيمة ونتيجة لذالك اوجد المفكرون مصطلح الحداثة وقارنوه بالثقافة كي لاتبقى الثقافة مقيدة وتراوح في مكان واحد بل حتى وجد مايسمى بمصطلح اعمار الثقافة ومصطلح اصالة الثقافة اي ارجاعها الى الاصيل لا الدخيل عليها واذا وجدت في بلد ما ثقافة متطورة واصيلةوجد الى جنبها حداثة قادرة على تطويرها ووجد ايضا مجتمع متحضر ونحن في المجتمع العربي بحاجة الى ثقافة اصيلة وقادرة على النهوض بالمجتمع فينقل ابن خلدون مقولة بشعة حول العرب ولكن قد يكون له الحق في ذلك لانه وجد العرب متقاعسون على كافة الازمنة  والعصور ثقافيا فينقل علي الحلي مقولة ابن خلدون قائلا :- ان العرب لايتغلبون الا على  البسائط ولايتسنمون الهضاب ولايركبون الصعاب ان العرب اذا تغلبو ( على اوطان) اسرع اليها الخراب وهذا الكلام ليس صحيحا في كل جوانبه بل فيه غبن كبير للعرب ولكن في بعض ثناياه فيه مجال لاكمال علمية النهضة البارزة لان ابن خلدون وجد العرب مستهليكن للثقافة وليسوا منتجين لها نعم هم انتجبوا ثقافة بارزة عظيمة وصدروها لبعض دول العالم ولكن ماذا حصل فيما بعد رجع الاستهلاك للثقافات وكان العرب ليس لديهم ثقافة وتوقفت حالة الحداثة لديهم واصبحت ثقافتهم تراوح في محلها وشابتها الشوائب الكثيرة وابن خلدون ليس له الحق الكبير فيما يقول فللعرب بقاياهم العمرانية وشواهدهم الثقافية بارزة للعيان عظمتها وشهرتها اكبر من ان توصف ولكن بالنتيجة تجمل هذه الاراء دعوة بارزة للنهوض بالامة العربية وما الدعوى التي اطلقها اصحاب النهضة الاوائل لاصلاح الافكار الا وسيلة للوصول الى النهضة المتوخاة من تحديث الثقافة الحرة الاصيلة كذالك هناك مسالة مهمة الا وهي ان انكار الامل الياس من العمل سمتان بارزتان في المجتمعات العربية فيرى المفكر القومي المخضرم قسطنطين زريق  ان الشك والارتياب السلبيين بدءا من انكار الامل والياس في العمل وهما يغطيان الساحة العربية كلها ويقر بان النظرة التشاؤمية قد اكتسحت سائر العرب وان خطورتها قد اشتدت (( بغزوها عقول الاجيال الناشئة ونفوسهم، حتى غدا الكثيرون يشكلون بالهوية العربية وبقدرة العرب على ان يحققوا امالهم المنشودة في ثقافة حرة واصيلة ولكن كيف وصل العرب الى هذه الحال؟ واين يكمن الخلل. وعند تحديد اسباب الازمة وطبيعتها برزت في اطار الكتابات العربية اتجاهات رئيسية ثلاثة:-

ركز الاول منها على الدولة ، وركز الثاني على المجتمع ، بينما ركز الثالث على الثقافة والفكر وكانت اشكالية الدولة قد تحولت ، في السنوات الاخيرة الى ابرز الاشكاليات في حقل الفكر العربي المعاصرة ولاسيما بعد ان تاكد عجز الدولة العربية المعاصرة عن انجاز الاهداف التي طرحتها على نفسها وتزايد التشكك في شرعيتها بالتوازي مع صعود الاسلام السياسي بالاضافة الى التحديات التي فرضتها عليها ظاهرة العولمة المكتسحة ورغم وجود اتفاق بين الباحثين الذين تصدوا لمعالجة هذه الاشكالية على تحميل الدولة مسؤولية رئيسة عن الازمة التي تواجهها المجتمعات العربية اليوم والاشكالية الثانية من اسباب الازمة الثقافية العربية هي المجتمع فبعض الرواد المصلحين يعزو التخلف الذي يقع فيه المجتمع الى تقاعسه عن مواكبة الحداثة وبكل معانيها وبعض المثقفين يعزوا هذا التقاعس في المجتمعات العربية الى حالة اليأس التي تدب في اوساطها والتي تطرقنا اليها سابقا في هذه المقالة وكذلك الحنين الى الماضي التقليدي على حساب الثقافة والحداثة العالية هو سبب اخر في انغماس المجتمعات بتخلفات صعبة للغاية كذلك فان طرق المعالجة ضروري توفرها في مجتمع بات فرده يبحث عن سبيل النهضة من واقعه المتأزم ثقافيا فالمعرفة التي تتصضمن ابعادا كثيرة ومتنوعة في اطارها اذ تعمل على تطويركفاءة وقدرات الموارد البشرية في دفع عملية التنمية الاقتصادية و الثقافية والاجتماعية على سواء وقد احسن الدكتور الانصاري استخدام كلمة (( معلقون )) للدلالة على الواقع الحقيقي الذي نعيشه اليوم في الامة العربية ، حقا لسنا في هوة ولسنا ايضا في عمقها الفاصل بين ما ننتمي اليه من فكر وبين مانعيشه من ممارسة اننا صراحة مازلنا معلقين في فراغ ومازلنا معلقين لنتمسك بقشة هنا وبريشة هناك ونخشى التارجح والانفلات لاننا نعاني بلا جد حالة انعدام الوزن وفقدان الجاذبية بعد ان فقدنا الارض وموضع القدم وبعد ان فرطنا ببوصلة الفكر السوي فبتنا نبحث عن حالة صلبة كفيلة بان تحمل الثقل المترتب على افكارنا وكواهلنا وطرائق حياتنا مازلنا معلقين واعيننا تبحق في فراغ هائل عن كل شيء لعلنا نجد مانصبوا اليه ولكن بدون جدوى وعلى الرغم من صور عنترة وانوار النبوة وقبسات الفتوحات مازالت تمثل امام اعيننا بشخوص بارزة فاننا محتارون ننظر الى اللامكان واللازمان وكاننا نخشى من التطلع الى الخلف بعد ان شاعت بين بعض المفكرين الرهبة من فكرة الماضوية والعودة المازومة الى التراث وفي الوقت عينه نتهيب في طرق ابواب المستقبل بمفردنا بعد ان تعودنا على اساليب الوصايا والاستهلاك وعدم الرغبة في الاشتراك والابداع الحقيقي نحن نعاني فعلا عدة معوقات فيما لو ازيلت لاعطت الامة جمعاء دافع للتارجح مرات عدة دون وجل وخوف لتفلت يدها دون تردد مندفعة فوق هوة الانحطاط نحو ارض صلبة نختارها ويبقا السؤال الاكبر ماهذه المعلوما ت الاصيلة التي تسبب الازمات لدينا ؟ انها النكبة الفكرية الحقيقية التي تجتاحنا! تقف كالجدار الذي اغلق ويغلق على العقول والافعال في ان واحد ربما مانبحث عنه حالة من الحالات التي هي عبارة عن حلقات مفقودة تؤزم واقعنا وتورق مضاجعنا ولانستطيع النهوض الا بالاطلاع هنا على تجارب الشعوب علنا نحصل على خبرة هنا وطريق هنا ننقذ فيه تازم الواقع الذي نعيشه وواحدة من اهم التجارب العالمية هي اليابان في ثورتها النهوضية التي بدات عام 1860 م والتي لم تمنعها الاختبارية المتوحشة للقنبلة الذرية الاولى في هيروشيما من تجاوز اوضاعه الاقتصادية والثقافيةو السياسية المتردية ، حلقاتنا المفقودة كلها تنبع من العقلية تلك العقلية الرابضة وراء الاف الحجج كي لانتقدم الى الامام ان الفكر السوي يتجه دائما الى التمسك بهويته وتراثه والاستزادة من المعرفة مع احترام ثقافة الاخر والاهتمام بالاخر البعيد والقريب مادام يعبر عن حالة انسانية جديرة بالاهتمام الم يان للفكر العربي ان يحمل المشعل ان يفتح عقله وقلبه للحقيقة والحقيقة تقول ان لاثقافة نهضوية دون نهوض وتجديد وحداثة كبرى تحصل داخل المجتمع وبالحقيقة مفهوم الحداثة يبقة مرتبطا بالتاريخ وما جاء معه فعلى حد تعبير الدكتور اراكون بان الحداثة هي صيرورة تاريخية مهمة.

فماذا ينتظر البعض لتطبيقها في مجتمع متأزم بات بحاجة اليها وكما قال قيس بن ساعدة:-

وماقد تولى فهو قد فات ذاهبا

                                                         فهل ينفعني ليتني ولعلني

فنحن بحاجة الى ترسيخ الروح النهوضية والابتعاد عن التعصب للثقافات البائدة والانفلاق والواحدية والتشبث بالحقيقة المطلقة والتشكيك حين تمثل الامور انتكاسة التنور فمباحث الحداثة والانسنة والنهضة باتت ضرورة داخل المجتمع فعلى جميع المسؤولين والمفكرين تبني هذه المصطلحات وترسيخها بالاجيال الجديدة ترسيخا هاما ومهما لبناء ثقافة اصيلة

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com