مقالات

 

شارع المعارف .. شارع التربية

 

محمد رشيد

كل مدينة من مدن العالم تنبض في دواخلها شوارع مهمة وغالبا ما يكون احد شوارعها شريانها الحيوي فيكتسب شهرة واسعة اذ يحيلك الى اسم المدينة التي تحتضنه فمثلا عندما تشاهد ( شارع الشانزيليزيه) على صفحات مجلة او فلم سيمي تقفز الى ذهنك مدينة (باريس) وحينما تقرأ عن (شارع الاستقلال) نحيله فورا الى مدينة (طرابلس)وحينما يتحدث شخص ما عن(شارع الملك طلال) مؤكدا ستتذكر مدينة( عمان) وهكذا الحال بالنسبة الى ( شارع التربية) الذي تدفأ وترعرع بمحبة واصالة ابناء ميسان منذ كان اسمه ( شارع المعارف) ايام كانت ميسان ( العمارة) الى يومنا هذا ف(شارع التربية) هو احد الأسس المهمة في مدينتنا اذ تثير غرابة ومتعة هذا الشارع اشياء عدة منها هو انه اكتسب صفة (شارع) الا انه عبارة عن سوق للمارة وليس للسيارات زيادة على انه يضم بين جوارحه أناس طيبين والبعض منهم تسامت ارواحهم الى السماء لكنهم ظلو احياء في قلوبنا وذاكرتنا الى الان... هؤلاء هم رموز خيرة ونبيلة لهذة المدينة منهم.. الرائد القصصي خليل رشيد والد الفنان الدكتور فاضل خليل الذي احال صالون حلاقته الى صالون ادبي والمرحوم عبد الرحيم الرحماني الذي اسس المكتبة العصرية هذا المنبر الخير للعلم والثقافة وحيدر المكتبي( ابو سعد) الذي هو امتداد للمرحوم الرحماني الذي يحرص دائما الى اقتناء مؤلفات ابناء مدينته في معرض خاص تحتضنه مكتبته وشاكر وابراهيم الهاشمي اللذان لايمكن ان نتجاهل اللعب التي غصت بها محلاتهما اذ كانت محطة استراحتنا انذاك حينما كنا اطفالا وعبود جاسم ومحلاته التي لاتنسى وعارف الحلاق وعزيز الشكرجي الذي كان يتجول في هذا الشارع بفانيلته النصف كم البيضاء على الرغم من سياط البرد القارسة اما حلوياته ما زالت تذكرنا ب( ايام زمان) اما حسين كيصون هذا المارد الذي كنا نخافه نحن الاطفال المشاكسين حين يفتح لنا فمه ويقول آكلك و...وو ...الخ. وفي هذا الشارع اينعت عيادات لبعض الاطباء همهم اليومي هو التطبيب شبه المجاني وحل مشاكل الاخرين زيادة على انها اصبحت بمرور الايام ملتقى لبعض ادباء ا لمدينة والوافدين من العاصمة لتكون بمثابة محطة لمناقشة امور ثقافية مهمة ومرفا للاستراحة. اما اسطورة هذا الشارع تقول جدتي: في شارع التربية ما زالت تعشعش عصافير الشعر ..وطيور المحبة..وحمامات السلام لانه يفيض ب(مجال من الحب) الذي هو اشبه. ب( المجال المغناطيسي) والدليل على ما اقوله هو انه يمتلك القدرة بمساحته المتواضعة على احتواء ابناء المدينة كلهم وكأن هناك اتفاقا مسبقا وخفيا لدى الجميع على انهم سيلتقون ليستمتعوا بهذه (العصرية) وبالاخص ( عصرية الخميس) على الرغم من قساوة الطقس احيانا واخيرا من استطاع ان يتسلق قبة السوق المسقوف وينظر الى الشارع سيشاهده على هيئة جديلة طويلة تضوع برائحة الحناء لأمرأة ميسانية ترنو صوب الغسق بانتظار من تحب.

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com