مقالات

نقد سويسري لاذع لباباوات الجائزة .. هل كان أدونيس منقذ نوبل ؟

 

علي الشلاه

شاعر وكاتب عراقي / مدير عام المركز الثقافي العربي السويسري

   erde4uns@hotmail.com

   خلافاً للحفاوة التي لقيها فوز المسرحي البريطاني هارلود بينتر بجائزة نوبل للأداب لهذا العام لدى بعض المثقفين العرب لأسباب غير ثقافية في الغالب، فقد لقي هذا الفوز المفاجئ نقداً لاذعاً في كبريات الصحف والدوريات الثقافية الاوربية لا سيما السويسرية المعروفة بحذرها وحياديتها،فقد قامت جريدة تاكس انتسايغر السويسرية الواسعة الانتشار بتخصيص افتتاحيتها - وفي الصفحة الاولى وليس في الملحق الثقافي فقط - لنقد قرارات الأكاديمية السويدية في الأعوام الأخيرة، وجاءت الافتتاحية المنشورة غداة اعلان اسم الفائز بالجائزة لهذا العام تحت عنوان (باباوات عجيبة) والباباوات هنا هم خبراء الأكاديمية السويدية الذين يحتفظون بمناصبهم في لجنة الجائزة طوال اعمارهم كما يفعل بابا الفاتيكان، وانصب النقد على اشخاص هؤلاء الباباوات الشيوخ الذين لايواكبون التحولات في الثقافة العالمية وتمثل خمسينات وستينات القرن الماضي نهاية المطاف الابداعي لديهم ، كما تركزت أراء المنتقدين على اسماء عديدة (غير مقنعة) فازت بالجائزة في الاعوام الماضية منها الكاتب الصيني جاوشجيان والهندي نايبول والنمساوية الفريده يلينك والايطالي داريو فو اضافة الى البريطاني هارولد بينتر الذي كان منح الجائزة له عام 2005 م (رثاءً لطول العمر)، ولم تجد الصحيفة سبباً مقنعاً لصرف الجائزة عن الشاعرين السوري (أدونيس) والسويدي (ترانسترومر).

وغير بعيد عن ملاحظات الصحافة السويسرية، لابد من القول ان حالةً من الرتابة والتقليدية انتابت قرارات لجنة الجائزة التي استقال احد أعضائها وهو الدكتور نوت اهنلند قبيل أيام من منح الجائزة لهذا العام - ويبدو انه كان عارفاً بالفائز ولم يكن موافقاً عليه كما يوحي قراره -  الا انه ربط استقالته بمنح الجائزة في العام الماضي للنمساوية ايلينك صاحبة رواية معلمة البيانو المعروفة عربياً ،وقد زعم اهنلند في مقال بصحيفة سفينسكا دجبلات السويدية (ان اختيار يلينيك المفاجيء العام الماضي للفوز بالجائزة قد تسبب في أضرار غير قابل للاصلاح لقيمة الجائزة في المستقبل القريب) واضاف ما مؤداه ان مؤلفات يلينك طارئة على الأدب ولا تحمل ثيمات ابداع متميزة.

ان المطالبة بتجديد لجنة الجائزة دورياً وربما كل عشر سنوات قد اضحى مطلباً منطقياً لدى كثيرين في شرق الأرض وغربها حتى لاتجمد الجائزة على سياق واحد وحتى لاتسود وجهة نظر واحدة في الابداع اضافة الى تكرار المؤثرات السياسية التي صارت واضحة المعالم عندما فاز نايبول (الناقد للحضارة الاسلامية) بها بعيد هجمات الحادي عشرمن سبتمبرسيئة الصيت.  

لقد كانت مئوية الجائزة مناسَبة مناسِبة لاعادة النظر في اسس منح الجائزة التي وقعت في أحيان كثيرة في افق اوربي مغلق وفضلت ممثلي هذه الحضارة والثقافة الغربية على الثقافات الاخرى التي جاءت على شكل استثناءات قليلة بينها نوبل الكبيرنجيب محفوظ عام 1989م التي بقيت يتيمة عربياً حتى اليوم، وربما اسهم منحها في السلام للدكتور – العربي - محمد البرادعي هذا العام في حرفها عن ادونيس – العربي الآخر- وهو رأي اذا صح فهو يعني اجحافاً كبيراً للثقافة العربية خصوصاً بعد معرفة الاسباب الكامنة وراء منحها للبرادعي والمنظمة الدولية التي يمثلها ودورها البين في محاولات تجريد عدد من الدول العربية والاسلامية من مشاريعها النووية السلمية والحربية على حد سواء، على ان لايفهم من ذلك انني اقلل من اهمية الدور الحيادي لهذه المنظمة فيما لو توفر لكنها مازالت خرساء عمياء امام التسليح  النووي الاسرائيلي  وثرثارةً جداً وحادة البصرفي أماكن اخرى حتى عدها بعضهم مخلباً أمريكياً مضافاً.

ان السخط الكبيرالذي نراه اليوم على قرارات الجائزة عالمياً سيكون دون شك موضع اهتمام ودراسة من قبل لجنة الجائزة في الأعوام القادمة وعلى المثقفين العرب ان لايبدوا سعادتهم باستبعاد مثقفيهم منها عاماً بعد اخر لأسباب شخصية لان ذلك يوصل رأياً خاطئاً للجنة الجائزة مفاده ان العرب مرتاحون لقراراتها وان مايكتبه الكتاب الاوربيون - كما في المثال السويسري – غير مبرر لأن العرب أنفسهم فرحون باستبعاد مرشحهم الذي ان كان ادونيس في هذا العام فقد يكون سواه في الاعوام القادمة.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com