مقالات

التكفير والتخوين في مواجهة الديمقراطية بالعالم العربي

 مهند صلاحات

مواطن مقهور

salahatm@hotmail.com

لم يزل العالم العربي يعيش نقائضه وتعليق أخطاءه على شماعة الآخرين، وتسيطر نظرية المؤامرة على عقول الغالبية العظمى من كتابه ونقاده سواء السياسيين أو الاجتماعيين.

 وفي ظل محاصرة الأفكار التي تسند حالة التردي التي يعيشها المواطن العربي إلى الغرب نجد الكاتب العربي دوماً يقع في مأزق الرفض الاجتماعي له، فالكاتب أو المثقف العربي الذي يبحث عن مساحة ديمقراطية يقع بين حربتين موجهات لصدره، فمن ناحية نجد معظم الحركات الإسلامية ترفع في وجهه سلاح التكفير بحجة الترويج لأفكار الكفر الغربية من ديمقراطية وتعددية وحقوق إنسان، ومن ناحية أخرى نجد أن البعض من مدعي التقدمية يرفعون بوجهه سلاح التخوين والولاء للغرب الاستعماري.

 الحقيقة أن الوطن العربي يعيش حالة مزرية جداً من التناقض والتخلف وتهميش القيم الإنسانية بشكل يشبه حالة أوروبا في العصور الوسطى، وسيطرة الإقطاع والكنيسة والسلطة الدينية والرجعية على قيم المجتمع، فالإقطاع في الوطن العربي تمثله اليوم الأنظمة العربية كافة من شرقه لغربه، بينما تمثل الحركات السياسية الإسلامية السلطة الكنسية الأوروبية وهنا يضيع المثقف العربي بين كلا الحالتين، ويزيد الأمر سوءا أن نجد حالة التردي الفكرية هذه تعشش في عقول جزء من المثقفين العرب الذين اتخذوا من التكفير والتخوين آليات التصدي إلى وجهات النظر الأخرى.

 من السهل جداً على مثقفي الأحزاب العربية الإسلاميين والحركات الإسلامية هذه أن تتخذ سلاح (التكفير أو معاداة الدين) سلاحاً فعالاً لقمع وجهة النظر الأخرى التي تدعو للانفتاح العربي على العالم ونبذ قيم الاستبداد والتخلف في المجتمع، كما أن بعض الحكومات العربية تدعم وبشكل علني بعض هذه الحركات الإسلامية لتكون واجهة لها في تثبيت دعائم الديكتاتورية العربية بحجج مختلفة وبالتالي نجد أن الحركات الإسلامية تتفنن في التقصي في داخل الشريعة الإسلامية عما يثبت دعائم الأنظمة بإيجاد منظومة من الآيات والأحاديث النبوية التي تدعو للولاء للحاكم باعتباره "ظل الله على الأرض" وأن طاعة الحاكم و "أولي الأمر" من طاعة الله ورسوله.

 أما في الدول العربية التي اتخذت المنهج العلماني منهج حكم، نجد أن الأنظمة وحتى حركات المعارضة سواء التي تدعي اليسارية أو الليبرالية في منهجها غير قادرة على الخوض في مسألة التكفير الديني لأنها في الأصل متهمة ضمناً بالكفر، فنجد أن هذه الحركات ابتدعت أسلوب التخوين كرديف لمفردة التكفير في رفض وجهة النظر الأخرى ومن هنا نرى أن التكفير والتخوين أسلحة خطيرة يحملها المدافعين عن الأنظمة واستبدادها في الدول العربية، ونجد أن الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية صارت تجد مواجهة عنيفة من قبل الحركات والأنظمة العربية وفي النهاية هذه الأسلحة تنتصر لصالح القمع والديكتاتورية في مقابل الحرية والديمقراطية.

 ما العمل :

العمل لا يكون في المواجهة العبثية في مقابل هذه الحركات والأنظمة، بل يكون في العمل الحقيقي على إيجاد مؤسسات مجتمع مدني، والتي هي أبرز مقومات الديمقراطية والتجسيد الحقيقي لها على ارض الواقع، كما أنها تمثل إن امتلكت الثقل المطلوب أن تبدأ بالتغيير والتصدي المنهجي لكل من دعاة التكفير والتخوين، وإيجاد منهجية فكرية واقعية تحرر الفرد العربي أولاً من ثقافة الخرافة والولاء التي تتملكه فجعلته يلجأ هو نفسه إلى إيجاد سلطة تحكمه سواء دينية أو فكرية مشوهة، فلا القيمة الدينية الحقيقية قادرة على تغيير أفكاره نحو الأفضل بالتالي ينعكس سلوكه السلبي إلى إيجابي ولا حتى القمعية الفكرية الحقيقية قادرة على تغيير أفكاره، فلا بد إذا من السعي نحو التغيير عن طريقة إقامة منظومة كاملة من مؤسسات المجتمع المدني الليبرالية الفكرة، ونعني بالليبرالية بالمعنى الحقيقي لها أي الحر لا الرأسمالي حصراً، ومن هنا يكون التغيير من الداخل دون الحاجة لأن يكون التغيير من الخارج والذي يضطر معظم حركات المعارضة العربية التقدمية إلى اللجوء إلى الدول الغربية كالولايات المتحدة الأمريكية لتغير الأنظمة لدينا بمنطق الجيوش، وبالتالي نقع في ورطة الاحتلال بدلاً من أنظمة القمع ونبقى ندور في دائرة مغلقة.

 

  



 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com