مقالات

الأجيال المسلمة وهوية الانتماء

فايزة أحمد صادق / السعودية

 

يتعامل المولى جلّ وعلا مع البشر بأدوات الحب والرحمة والشفقة والتجاوز ، وهذه الأدوات الربانية نحن بحاجة إليها لنتعامل مع أجيالنا المسلمة وتعريفها إلى من تنتمي وأي هوية تعتنق ؟ ..
أولا : مميزات الهوية التي ننتمي إليها :
قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) ، فالحضارات عندما تسقط تسقط معها مناهجها وأفكارها ، والسقوط دليل على عدم كفاءة المنهج ، أما الهوية التي ننتمي إليها فتتميز بعدم تأثرها بضعف أو قوة من ينتمي إليها فأحكامها وقوانينها وتشريعاتها عادلة لا تتغير ولا تتبدل .
قال تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ، وقال أيضاً ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) ، وقال ( فيه تبيان لكل شيء ) ، وتتجسد الهوية في أبعاد يمكن تصنيفها بمثل الآتي :
1/ الهوية الدينية : وتتمثل في الثقافة الفقهية والشرعية كمعرفة أحكام الصلاة والصوم وأحكام الغيبة والسخرية .
2/ الهوية الإجتماعية : حيث عجزت قوانين الإنسان عن تطوير علاقات الإنسان بأخيه الإنسان وما زال الإنسان أنانياً يحب ذاته ، ولكن المنهج الذي ننتمي إليه - أي الإسلام - قد ربط الإنسان بأخيه الإنسان ، فهو أعظم حرمة من الكعبة ، فوضع منهجاً ليربط الإنسان بأخيه الإنسان من خلال مفاهيم صلة الرحم والصداقة وقضاء حوائج الإخوان والدفاع عن المظلوم والتكافل وإدخال السرور على المؤمنين .
3/ الهوية العلمية : وتتمثل في معرفة العلوم الإنسانية ، ومنها تتطور المجتمعات وتكتسب السعادة والطمأنينة والاستقرار ، فالعلوم هي التي تنمي الإيمان والعلاقة الربانية ، يقول تعالى ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) .
4/ الهوية السلوكية : تلك التي تقوّم كيان الإنسان ليشعر بذاته كقيم الإحترام ونكران الذات والتواضع والتسامح .
ثانياً : صفات الجيل الذي نطمح ونسعى لتربيته ليكون مهيئاً لبناء مجتمعه ووطنه وأمته ، فهو جيل ذو إرادة وتقوى وخوف من الله ، ويتمتع بالوعي الديني والحياتي ، ويتسلح بالطموح والهمة والنشاط ، ويتفهم عادات وتقاليد مجتمعه ، يغيّر ويجدّد مع مراعاة أخلاقيات وتشريعات نهجه الذي ينتمي إليه .
ثالثاً : الأسباب التي جعلت من الأجيال اليوم توسع الفجوة بالابتعاد عن هويتها :
أ/ ضعف حالة التدين والمعرفة والوعي لدى الوالدين ، فينعدم التوجيه والنصح وتقل الصحبة مع الأبناء مع غياب القدوة والمثل الأعلى .
ب/ الابتعاد الروحي والنفسي عن الكيانات العلمية ( المدرسة – المعهد – الجامعة – المسجد ) حيث تغيب العلاقة الودية بين الجيل وتلك الكيانات .
ج/ ضعف حالة المعرفة بين الجيل وبين تاريخه كأحداث وشخصيات ، فكيف نشد أبناءنا لتاريخنا ليدركوا الصلة القوية والرباط العقائدي بينها ؟ ، وهل التمسك بالتاريخ يعتبر ضيق أفق وسطحية التفكير ؟ .
د/ أثر الأفكار والنظريات المضادة لأفكارنا وكياننا ، فتلك الأفكار لها أهداف تسعى لتحقيقها سواءً كانت تلك الأهداف مادية أو نفسية أو ثقافية أو دينية ، فليس صحيحاً أن كل ما يأتي من الآخرين هو دليل التقدم والرقي .
رابعاً : سبل سد الفجوة والتقريب بين الأجيال وبين النهج الأصيل :
تتمثل مسئولية المربّين الإحاطة بالثقافة والفكر وأحكام الشريعة لتوصيلها إلى الأبناء بطرق وأساليب مختلفة ( الحصانة الذاتية ) ( الحصانة الاجتماعية ) قال تعالى ( حبّب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم ) ، وقال تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) .
وعرض المفاهيم والقيم والعبادات بشكل مبهر وجذاب وتوضيح مردودها الإيجابي على النفس البشرية ، كما من الجدير ملاحظة أهمية مخالطة الشباب لمعرفة تفكيرهم وطموحاتهم وعدم فصلهم عن المجتمع بل حثهم ومشاركتهم لحل بعض مشاكلهم والأخذ بآرائهم وأطروحاتهم .
والعمل على إيجاد مؤسسات وبرامج تشعر الشباب بالافتخار والاعتزاز بقيمهم ومبادئهم ، عبر الرحلات والمؤتمرات والمنتديات الخاصة بهم .
ختاماً ..
علينا أن نعيش الأمل بالغد وبأنه الأفضل ، وأن نتسلح بالإرادة والصبر في عملية البناء ، وأن نتمسك بقوة ما نؤمن به من أفكار وقوانين وأحكام ربانية ، فنحن لسنا ضد الآخرين ولسنا ضد أي حضارة انسانية ، وأن نسعى بشتى الوسائل لتطبيق قيمنا ومبادئنا ، وأن نخطط بعقول جماعية لكيفية ملىء فراغ المجتمع ، قال تعالى ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) .
 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com